ميزة جدول التنقل

جدول التنقل

شرح أنشودة المطر بدر شاكر السياب للصف الثاني عشر الفصل الثاني

شرح قصيدة انشودة المطر لبدر شاكر السياب للصف الثاني عشر
 










المأساة في شعر السياب :
صراع الحياة مع الموت
 كانت السنوات الثلاث الأخيرة من حياته فترة رهيبة عرف فيها صراع الحياة مع الموت. لقد زجّ بجسمه النحيل وعظامه الرقاق إلي حلبة هذا الصراع الذي جمع معاني الدنيا في سرير ضيق حيث راح الوهن وهو يتفجر عزيمة ورؤى وحباً، يقارع الجسم المتهافت المتداعي، وجه الموت يحملق به كل يوم فيصدّه الشاعر عنه بسيف من الكلمة... بالكلمة عاش بدر صراعه، كما يجب أن يعيش الشاعر، ولعل ذلك لبدر، كان الرمز الأخير والأمضى، للصراع بين الحياة والموت الذي عاشه طوال عمره القصير علي مستوى شخصه ومستوى دنياه معاً. فهو قبل ذلك إذ كان جسده الضامر منتصباً ، خفيفاً ، منطلقاً يكاد لا يلقي على الأرض ظلا لشدة شفافيته. كان أيضا في زحمة الصراع بين الخير والشر، بين الحب والبغضاء .

 
تمهيد :
"أرسلُ إليكَ رفقة هذه الرسالة قصيدة لي بعنوان " أنشودة المطر"، وأتمنى أن تنال رضاك وأن تكون صالحة للنشر في (الآداب). إني لخجول جداً من أن قصيدتي هذه ستشغل في مجلة (الآداب) حيزاً قد يكون من الأولى ملؤه بما هو خير من قصيدتي وأجدى "(من رسائل السياب).
ترى هل كان السياب يدرك أن قصيدته، التي يقدمها إلى "سهيل إدريس" رئيس تحرير مجلة الآداب آنذاك بتواضع المبدع ورهافة الشاعر ، سوف تكون حجر أساس في تجديد تجربة الشعر العربي المعاصر كله، وعلامة من علامات انعطافته الحاسمة؟
بدر شاكر السياب مبدع ( أنشودة المطر) هو شاعر الحب ، والثورة ، والموت.
كان من أول المبدعين الذين مارسوا التغيير وعانوا من عذاباته عندما شرعوا في البحث عن القصيدة التي تلغي ، مسألة الموضوع الواحد وتستوعب تجربة حياتية كاملة تقولها بلغة شعرية.

النص الشعري :

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر

عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ.. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم

وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر

كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر

 

إرسال تعليق

0 تعليقات